• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الصلاة.. سبب للنجاح وتثبيت للإيمان

أ.د. سليمان الصادق البيره

الصلاة.. سبب للنجاح وتثبيت للإيمان

◄الصلاة سبب للنجاح في الدنيا والآخرة، فَمَن نجح في إقامة الصلاة فذلك دليل على حصول النجاح في الدنيا والآخرة. وذلك أنّ الإنسان لا يمكن أن يحيا بدون دين، ودين المؤمنين هو الإسلام، والإسلام عمود الصلاة، والشيء إذا هدم عموده سقط.. فالصلاة جعلها الله تعالى رابطة بين دنيا المؤمن وآخرته.

وعلى ذلك، فَمَن كان حازماً جاداً في أمر صلاته، فإنّ ذلك الجد والعزم سينعكسان إيجاباً وفاعلية على حركته في الحياة، وإنّ التهاون في أمر الصلاة، عزماً وفعلاً، سيترتّب عليه التهاون في شؤون الحياة.. وهذا أمر نريد أن نبسطه حتى يعرف المسلمون بعضاً من آثار وأسرار الصلاة في حياتهم.

إنّ الله عزّوجلّ جعل الوقت في الليل والنهار قائماً على أوقات الصلاة، فقد وُزعت أوقاتها في اليوم والليلة توزيعاً روعي فيه حاجة المكلف بها ومصالحه بحيث تنعكس إقامته لها على حياته كلّها نجاحاً وإيجابية. وأوقاتها التي فرضت فيها هي أشرف الأوقات عند الله تعالى، والمؤمن حين يعمر يومه وليلته بإقامة الصلاة، فقد عمرها بطاعة الله سبحانه، وظفر بالطاعة في أشرف الأوقات فيهما، ومن شأن ذلك أن تنعكس آثاره عليه بالنشاط والحيوية والفاعلية في حركته في حياته كلّها، فهو منشرح الصدر، سعيد النفس، خفيف الظهر، لا يرى الحياة إلّا سبيلاً للآخرة، سريع الخطى إلى كلّ عمل فيه مرضاة لله تعالى ولرسوله (ص)، سمّاع للخير، ناصح لله تعالى، ولرسوله (ص)، وللمؤمنين، الصلاة تعيش في وجدانه، قرة عين لنفسه، يجد فيها الراحة والطمأنينة والأنس، كما يجدها أملاً يتجدد معه كلّ يوم خمس مرّات، ويشعر معه بحياة جديدة يتجدد معها حبّاً وطاعة، وولاء، وعبودية وتعظيماً لله جلّ جلاله.

وهذا النموذج الرائع الناجح في دنياه وأخراه هو أثر كريم من آثار إقامة الصلاة، وإذا عرف المسلمون ذلك أقبلوا على الصلاة عناية واهتماماً بها وتعظيماً لشأنها، وحرصاً عليها وإقامةً لها بغاية الحبّ والرغبة، ففي إقامتها صلاح دنياهم وأخراهم، والعاقل يحرص على ما فيه صلاحه في دنياه وأخراه، وإنما يعيش السفيه على هامش الحياة كفقاعة ظهرت على سطح الماء ثمّ تلاشت، بلا أثر يذكر أو ذكر ينشر.

ومن فوائد الصلاة أنّها يثبت بها الإيمان ويقوى بها الإسلام. وذلك أنّ الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والصلاة من أشرف وأجل الطاعات، وهي عبادة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرّات، ومن شأن ذلك أن يُكوِّن عند المصلّي رصيداً إيمانياً يقوى ويزداد مع مرور الأيام والليالي، لأنّ من شأن الطاعة المقبولة أن يكتسب بها صاحبها هداية تقود إلى هداية أكبر مصداقاً لقوله تعالى: (ويَزِيدُ اللهُ الذينَ اهتَدَوا هُدىً) (مريم/ 76)، ومن شأن الطاعة أنّها تُمحى بها الخطايا، وتُكتب بها الحسنات.

ومحو الخطايا فيه إذهاب لأثرها المترتب عليها، وكتابة وزيادة الحسنات فيه حصول ما يترتب عليها من تثبيت الإيمان وتقوية الإسلام في نفس صاحبها، ورفع درجاته، ولعلّ هذا يدل عليه قول المصطفى (ص) في شأن الصلاة وأثرها في محو الخطايا وزيادة الحسنات وتثبيت الإيمان وتقوية الإسلام، وتشبيهه (ص) الصلاة بأنّها تنفي وتزيل الخطايا الظاهرة والباطنة وهي أدران وأوساخ كنهرٍ غمر جارٍ يغتسل منه المصلي كلّ يوم خمس مرّات.

وينشأ عن زيادة الإيمان، وثبات الإسلام في نفس المصلي ورفع درجاته، ومحو سيِّئاته، أن يحصل لديه ما يترتب على ذلك من خيرات كثيرة ظاهرة وباطنة لا يحيط بها إلّا الله (ص)، وهي كلّها ذات صلة بأثر وفائدة الصلاة وبركتها على صاحبها.

ومن فوائد الصلاة أنّها يتميز بها صاحبها في الدنيا والآخرة تميزاً يدل على ما ناله من خير وفضل. ففي الدنيا يعرف مقيم الصلاة بنورانية الوجه، وانشراح الصدر، وسعة البال، والتواضع والرحمة والرفعة واللين.►

 

المصدر: كتاب في فضل الصلاة ومكانتها في القرآن والسنّة

ارسال التعليق

Top